عمرو بن العاص هو اسمٌ مشهور في تاريخ الإسلام، فهو الرجل الذي ارتبطت حياته بأحداث مهمة في العصور الإسلامية الأولى. كان اسمه الكامل عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب، وكان يُلقب بأبي محمد.
وُلد عمرو بن العاص في قبيلة بني سهم في مكة، وكانت هذه القبيلة ذات نفوذٍ اجتماعي كبير في المدينة القديمة. والده كان أحد حكام قريش، وعائلته كانت تمتلك العديد من الآبار حول الكعبة، منها بئر الغمر.
عمرو بن العاص تأخر في دخول الإسلام إلى سن الخمسين وسبب هذا التأخر كان متعلقًا بانتمائه القوي لزعماء قريش وتعصبه لهم، وأيضًا بسبب حسده وإصراره على المعارضة والكفر. على الرغم من تلك العقبات، إلا أنه قام بأكثر من زيارة إلى النجاشي في الحبشة والتي قادته أخيرًا للإسلام بعد أن شعر بأن دين الإسلام سينتصر ويظهر كدين حق.
بعد دخوله الإسلام، لعب عمرو بن العاص دورًا مهمًا في الإسلام وتوسعه. عُين عمر بن الخطاب، خليفة النبي محمد، أميرًا للمسلمين في مصر وكان أول حاكم لها بعد فتحها. وقد توفي في مصر عن عمر ناهز التسعين سنة.
عمرو بن العاص لم يكن مجرد رجل ذو نسب وقوة اجتماعية، بل كان أيضًا رجلًا متعلمًا وشاعرًا. كان يتقن القراءة والكتابة وكان مشهورًا بفصاحته وطلاقته في الكلام.
صفات عمرو بن العاص كانت أخلاقية جيدة، مثل الكرم والجوادة. قيل عنه أنه في آخر لحظات حياته دعا حرسه وسألهم عن حالهم معه، فأشادوا بلُطفه وكرمه في التعامل.
وكان يتمتع بالحكمة والحلم. في مواقف عديدة، قام بإصدار توجيهات هامة ونصائح عاقلة للمسلمين. على سبيل المثال، أثناء وباء الطاعون في عهد الخلافة الثانية لعمر بن الخطاب، نصح الناس بالابتعاد عن بعضهم والانتقال إلى الجبال لمنع انتشار الوباء.
عمرو بن العاص كان شجاعًا وقائدًا بارعًا في القتال والجهاد. شارك في العديد من الغزوات مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بما في ذلك غزوة ذات السلاسل وفتح مكة. وقاد سرية سواع التي بعثها النبي محمد لهدم الأصنام يوم فتح مكة.
على الصعيدين الشخصي والعسكري، كان عمرو بن العاص قدوة للمسلمين. كان لديه حياء شديد وورع في حياته. عندما اقترب الموت منه، طلب من أبنائه أن يشدوا إزاره عند تكفينه، مما يُظهر حياءه وخجله من أفعاله.
وكان يتميز بالعدل والحكمة في إدارته للأمور. على سبيل المثال، عندما أصبح حاكمًا لمصر بعد فتحها، منح الأقباط الحرية الدينية التي حرموا منها من قبل، واستفاد من خبراتهم في الإصلاحات المالية والإدارية. كما عاد بنيامين، الذي كان في المنفى، إلى مصر ومنحه مناصب مهمة.
عمرو بن العاص يعد واحدًا من الشخصيات البارزة في تاريخ الإسلام، وقد أسهم بشكل كبير في انتشار الدين الإسلامي وفي توسع الدولة الإسلامية. تاريخه يلهم العديد من المسلمين حتى اليوم ويظل مصدر إلهام وفخر لهم.